27 - 07 - 2024

كلام والسلام | نجنا .. مما نخاف!

كلام والسلام | نجنا .. مما نخاف!

"يا خفى الألطاف .. نجنا مما نخاف" .. قالها المصريون عبر تاريخهم آلاف المرات فى استقبالهم للغزاة، وفى مواجهتهم للأزمات والكوارث. 

ومن أكثر الكوارث التى واجهها المصريون فتكًا وقساوة (كما صورها تاريخ ابن إياس) ؛ الشدة المستنصرية في عهد الخليفة المستنصر بالله الفاطمي.

 انخفض منسوب المياه وجفت الأراضي الزراعية، وفقد الناس أعمالهم؛ وفقدت الأموال قيمتها. وازداد جشع التجار فاستغلوا المواقف العصيبة، وسارعوا لتعطيش السوق وتخزين الغلال. 

 وذٌكر .. أنه كان هناك زقاق يسمي بزقاق القتل؛ كانت المنازل فيه منخفضة ؛ فعمل سكانها على إنزال الخطاطيف؛ يصطادون بها المارة ويأكلونهم !

وأن امرأة باعت عقدًا ثمينًا ؛ لتحصل على الدقيق ؛ لكن الناس نهبوه منها ؛ ولم يتبق لها منه سوى ما يكفي لخبز رغيف واحد!

ووصلت الأزمة للمستنصر نفسه ؛ فلم يعد هناك في حظيرته من الدواب شيء ؛ وباع رخام قبور أجداده للحصول على الطعام .  ووصل به الأمر الى إنه أصبح مدينا بحياته لابنة أحد الفقهاء التي أطعمته.. تصدُقا برغيفين يوميا.

لذلك .. طلب العون من بدرالدين الجمالي ؛ وبعد أن عُين الجمالي وزيرًا ؛عمل على استتباب الأمن أولا فى كل ربوع البلاد ؛ ثم عمل على إصلاح نظام الري وقنواته التي فسدت ؛ واهتم بالزراعة.

 وجعل المحصول كله للفلاحين أول ثلاث سنوات؛ ثم طلب منهم الضرائب في السنة الرابعة. وبعد سبع سنوات عجاف على مصر وأهلها ؛ فاض نهر النيل من جديد .. وانقشعت الغمة. 

أما حال المصريين الآن .. بين الأمل والألم، فهو أشبه بحال عبدالرؤوف فى رواية خيري شلبي ؛ التى كتبها منذ نحو ربع قرن بعنوان "بغلة العرش" ، والتى تحكى عن أهل قرية في منتصف سبعينيات القرن الماضي، ينتظرون على طريقة انتظار من لايأتى ظهور بغلة العرش المحمّلة على ظهرها بالذهب ، والتي سينتهى مشوارها في بيت الشخص المسعود ، ولكن مع الذهب الذى تحمله هناك رأس قتيل ؛ وعلى الشخص المسعود أن يدفنها في بيته!

وتظهر البغلة بحق وحقيق وعليها رأس القتيل؛ وتكون من نصيب عبدالرؤوف ، ولكن بدلا من أن يصير غنيا مرصعا بالذهب المنشود؛ يجد نفسه متهمًا بجريمة قتل !
----------------------------
بقلم : خالد حمزة

مقالات اخرى للكاتب

كلام والسلام| الفشل في مصر .. حاجة تانية